جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
مجموعة محاضرات ودروس عن الحج
111875 مشاهدة
ذكر شيء عن بعض مناسك الحج وبعض الحكم والمصالح التي تترتب عليها

وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين؛ نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
نعرف - والحمد لله - أن إخواننا الحاضرين قد عرفوا المناسك، وترددوا فيها وقاموا بهذا النسك أكثر من عام، وربما عشرات الأعوام وهم يؤدونها؛ ولكن من باب التعليم، ومن باب التفقه في الدين نحب أن نذكر شيئا من بعض المناسك، وبعض الحكم والمصالح التي تترتب عليها؛ ليعرف المسلم بأن الله تعالى ما شرع هذه المناسك إلا لحكم ومصالح؛ فيحرص على تحقيق تلك المشاعر وعلى تحقيق المصالح التي شرعت لأجلها.
فنقول: أولا هناك فرق بين الرجال والنساء في اللباس والإحرام كما هو معروف، فللمرأة لها أن تلبس ما شاءت من الأكسية إلا أنها أمرت بأن تتجنب لباس النقاب على وجهها الذي يفصل على الوجه وله فتحتان محاذيتين للعين، وأن تلبس القفازين اللذين يفصلان على الكفين. أما بقية الأكسية فإنها تلبس ما شاءت، وكذلك أيضا لها أن تبدل كسوتها، لها أن تبدل لباسها مرة بعد مرة ولا حرج عليها في ذلك لو لبست كل يوم أو كل نصف يوم لباسا جديدا على ما هو اللباس المعتاد للنساء.
كذلك أيضا الرجال ورد أن الإحرام في إزار ورداء ونعلين. الرجل هكذا يحرم. الإزار لباس يشده على عورته، ويستحب أن يكون أبيض، ويجوز لباس غير الأبيض يعني كالأسود عند الحاجة أو الأزرق وما أشبهه. كذلك رداء يضعه على ظهره يستر به ظهره وصدره ومنكبيه. يجوز أن يكون هذا الرداء، وهذا الإزار من أي صنف من أصناف الأكسية، يصح أن يكون الرداء قطعتين قد خيطت إحداهما بالأخرى ولا يضر ذلك.
يتجنب المحرم تغطية رأسه بلباس ملاصق؛ وذلك لأن كشف رأسه علامة على إحرامه فيتجنب لباس العمامة، ولباس القلنسوة الذي هي الطاقية ونحوها، ولباس القبعة وما أشبه ذلك إذا كان محرما إلا لحاجة.
ومن احتاج ولبس شيئا من هذه الألبسة إذا لبس القميص وهو محرم أو لبس القبعة وهو محرم؛ فإن عليه -والحال هذه- فديتين فدية عن اللباس الذي هو القميص أو الإزار أو التبان أو السراويل إذا لبس على بدنه شيئا يستر بدنه من اللباس المفصل، وكذلك فدية عن تغطية الرأس بالعمامة أو بالقلنسوة أو بالقبعة ونحوها.
فإذا أحرم الجندي وهو في لباسه فإن عليه هاتين الفديتين؛ يصوم ثلاثة أيام عن اللباس وثلاثة أيام عن تغطية الرأس أو يطعم ستة مساكين عن لباس القميص ونحوه، وستة مساكين عن تغطية الرأس؛ ويكون إحرامه صحيحا وكذلك أيضا يتم نسكه بذلك.
كشف الرأس ميزة للمحرم
لا شك أن هذا مما جعل ميزة للمحرم أنه يكشف رأسه وأنه يرتدي هذين اللباسين الإزار والرداء؛ وذلك أنه يتميز عن المحلين بهذا اللباس، فيعرف بأن هذا تلبس بنسك يعني: بحج أو عمرة، ويعرف أيضا أنه في عبادة من العبادات يتميز بها، وأيضا فإن هذا اللباس لباس الزهاد ولباس المتقشفين، ولباس العباد الذين زهدوا في الدنيا، علموا بأن الدنيا فانية فقنعوا منها بأقل ميسور، وتاجروا للآخرة يرجون تجارة لن تبور، ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور.